مغاربة يستعينون بـ "الذکاء الاصطناعي" لتعليم الرياضيات

نوع المستند : آخبار التطورات العلمیة والتکنولوجیة الحدیثة

الموضوعات الرئيسية


أطلق مهندسون مغاربة منصة إلکترونية عربية-فرنسية مجانية، تساعد التلاميذ على تحسين مستواهم في مادة الرياضيات في جميع المراحل التعليمية، اعتمادا على الذکاء الاصطناعي.

ويهدف مؤسسو هذه المنصة المبتکرة في المجال التعليمي، إلى تقويم مستوى التلاميذ وتحصين المکتسبات في مادة الرياضيات، عبر الاستعانة بالذکاء الاصطناعي، وبالتالي تحسين تموقع المغرب بطريقة فعالة وملموسة في التصنيفات العالمية الخاصة بهذا المجال.

وقال والد أحد التلاميذ الذين استفادوا من الخدمات المجانية للمنصة الخاصة بالرياضيات: "لم تعد مادة الرياضيات تشکل مصدر إحباط بالنسبة لابني أمين کما في السابق، لقد سمحت له منصة "ماثسکان" (Mathscan) بالانطلاق من أسس متينة والمضي قدما خطوة بخطوة، وبات يحقق تقدما هائلا، وانتقل معدله من 12 نقطة إلى 18 نقطة".

نتائج ضعيفة

ويقول المهندس عصام أوعزى، أحد المؤسسين لمنصة "ماثسکان"، أن تدريس مادة الرياضيات يقوم على التعلم التراکمي، وهو ما يعني بأن "التلميذ لا يمکنه التفوق في مستواه التعليمي الحالي، ما لم يکن تحصيله جيدا في المستويات السابقة واکتسب خلالها المعارف الأساسية".  

فکرة تأسيس هذه المنصة، جاءت بعد استقراء النتائج المتدنية التي يحققها التلاميذ المغاربة في مادة الرياضيات.

واستدل أوعزى، بما کشف عنه تقرير سابق للمجلس الأعلى للتعليم، أکد فيه أن التلاميذ في المغرب يلجون المستوى الثاني من التعليم الثانوي بمعدلات لا يتجاوز 33 في المئة في مادة الرياضيات بالنسبة للمدارس العمومية، و47 في المائة کحد أقصى في التعليم الخاص.

ووصف أوعزى في حديث مع موقع "سکاي نيوز عربية"، هذه الأرقام بالمخجلة والضعيفة، وهو ما يفسر أيضا بنظره تموقع المغرب في مراتب متأخرة في تصنيفات عالمية في هذا المجال.

وکان تلاميذ المغرب قد سجلوا نتائج وصفها المتتبعون للشأن التعليمي بالمخيبة، وغير المرضية، في اختبارات برنامج التقويم "TIMSS" الدولي للرياضيات والعلوم لسنة 2019، حيث حلوا في الرتبة 55 من أصل 58 بمجموع 374 نقطة، في اختبار الرياضيات للسنة الرابعة ابتدائي، والرتبة الأخيرة بالنسبة لاختبارات الرياضيات الخاصة بالسنة الثانية إعدادي. 

أخبار ذات صلة

 

التأسيس والشراکة الأميرکية

يقول أوعزى وهو أيضا مهندس مقاول في مجال الابتکار الرقمي: "لتغيير هذا الوضع وتحسين تموقع المغرب على مستوى التصنيف العالمي، قمنا قبل تأسيس المنصة بالإطلاع على مقررات مادة الرياضيات في الدول المحتلة للمراتب الأولى علميا والمناهج المعتمدة فيها".

ويضيف أنه "خلال البحث خلصنا إلى أمر حتمي، يتمثل في ضرورة اعتماد التکنولوجيا الحديثة للنهوض بالمنظومة التعليمية في مجال تدريس الرياضيات، وهو ما قادنا لاکتشاف تکنولوجيا مبتکرة طورتها إحدى الجامعات الأميرکية في ولاية ماساشوستيس".

يوضح المتحدث أن هذه التکنولوجيا الأميرکية والتي تطلبت 30 مليون دولار کاستثمار في مجال البحث العلمي على مدى 15 سنة، تعتمد على الذکاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وهي تکنولوجيا تستعمل في آلاف المؤسسات لتعلم الرياضيات عن بعد في الولايات المتحدة، وقد تم إثبات فعاليتها بطرق علمية من طرف مؤسسات متخصصة ومستقلة.  

يقول عصام أوعزى إن منصة "ماثسکان" الفريدة من نوعها على مستوى العالم العربي والفرنسي، هي ثمرة شراکة بين خبراء ومهندسين مغاربة وفريق أميرکي من الباحثين الرائدين في هذا الميدان على الصعيد العالمي.

ويتابع: "اشتغلنا على المنصة لمدة أربع سنوات، بتعاون مع عدد من الخبراء في الرياضيات، من أجل تفعيل خريطة تضم 2300 مکتسب ومهارة من المستوى الابتدائي حتى الثانوي، وما يزيد عن 60 ألف تمرين تفاعلي، حيث نسهر حاليا على مواکبة ما يفوق 1200 تلميذ".

مراحل مهمة

أول خطوة تتم بعد ولوج التلميذ للمنصة، تتمثل في عملية التقويم التشخيصي عبر إخضاع التلميذ لاختبار، يمکن القائمين على المنصة من الوقوف على جل الثغرات التي يواجهها، منذ أول درس له في مادة الرياضيات (المستوى الأول ابتدائي) وإلى غاية مستواه الحالي. 

وتمکن المنصة التي يتوافق محتواها بشکل کلي مع مناهج التعليم ومختلف المقررات المعتمدة في المغرب من التعليم الابتدائي حتى الثانوي، من التشخيص الدقيق الشامل للثغرات لدى کل تلميذ. حسب مؤسسيها.

والهدف من هذا التشخيص الدقيق وفق العضو المؤسس للمنصة، هو رصد مکامن الضعف والنقص عند التلميذ في مادة الرياضيات، ليتم بعد ذلک وبطريقة آنية توليد برنامج معالجة لتجاوز تلک الثغرات المتراکمة خلال مساره الدراسي.

ويؤکد عصام أوعزى أن برنامج المعالجة، مشخص 100 في المائة، ومبني على مجموعة من التمارين التي تلائم المستوى الحقيقي للتلميذ، وتتماشى مع وتيرة وسرعة استيعابه وتحصيله للدروس.

وبعد مرحلة التقييم والمعالجة، تأتي مرحلة خاصة بالتعلم ومواکبة التلميذ، وفقا لمستواه الدراسي الحالي، فيما تختص مرحلة "التمييز" وهي المرحلة الثالثة من هذا البرنامج، بالتلاميذ المتميزين في مجال الرياضيات.

ويشير أوعزى إلى أن المنصة تقترح على التلميذ محتوى يسمح له بالاستيعاب أکثر وتطوير مهاراته، حيث يظل الهدف على حد قوله، هو أن يحب التلميذ مادة الرياضيات.